(كيف تموت الاشجار (الجزء الثاني
يقول د.ماكدومايل إن هناك نظريتين متعارضتين تفسران موت الأشجار فهي إما تموت من العطش أو إنها تجوع حتى الموت !!!؟
لكن كيف تحدث هاتان العمليتان علي وجه التحديد!؟ وما هي العلاقة بينهما !؟
في التجربة الميدانية التي يجريها د.ماكدويل وهي أكبر تجربة من نوعها علي مستوي العالم تخضع 63 شجرة من أشجار العرعر وغيرها لمراقبة دقيقة و مكثفة لمعرفة كيفية قيامها بعملية التنفس و تكوين الغذاء و امتصاص المياه و التخلص منها، ومقاومتها للحشرات و تكيفها مع الهواء الأكثر سخونة من المعتاد .
هناك 32 شجرة تم تغليفها بغرف مصنوعة من الزجاج و الصلب مع بقاء قممها مفتوحة علي السماء و معلق بها شبكة من الأجهزة التي تتولي قياس جميع جوانب الأيض و التمثيل الغذائي فيها.
وهناك أيضا أداة يمكنها فحص الشجرة من الداخل للكشف عن مدي تدفق المياه و العناصر الغذائية التي تنساب داخلها
وكما هي الحال في المستشفيات فإن الموقع الذي تجرى به التجارب يغلب عليه الضجيج . فأصوات الماكينات تزمجر وتهدر. وتطقطق خلال قيامها بضخ الهواء الساخن داخل الغرف لخلق بيئة ترتفع حرارتها بمقدار 7 درجات مئوية و هي البيئة المتوقع ظهورها خلال السنوات القادمة.
هناك سبع من تلك الغرف محرومة أيضا من المياه. وخمس غرف تعمل كمجموعة ضابطة دون أدني ضغوط مائية أو حرارية عليها . أما الأشجار الباقية فتجرى مراقبتها خارج الغرف سواء أكانت تحيط بها أم لا .
كل شجرة معلق بها مجموعة من أجهزة الاستشعار و المجسات التي تراقب المؤشرات الحيوية للشجرة.
وبعض القياسات يجري الحصول عليها كل عشر دقائق والبعض الآخر مرة في الشهر.
ولمراقبة ما قد يطرأ علي الأشجار نتيجة العطش يقوم الباحثون بقياس مدي تدفق المياه داخل كي جذع
عادة ما يتسبب الضغط الجوي في جذب جزيئات المياه إلي أعلي في صورة خيط ممتد من التربة و الجذور حيث تتحرك هذه الجزيئات في صورة خيط داخل أنابيب دقيقة تسمي نسيج الخشب عندما يكون الهواء ساخنا فإنه يجذب المياه بقوة أكبر فيزداد الإجهاد وعندما ترتفع حدة الإجهاد و التوتر علي خيط الماء فإنه ينقطع و يحل محله الهواء. ومثلما يحدث في حالة انسداد الشريان التي يمكن أن تقتل الإنسان فإن فقاعات الهواء يمكن أن تسد الطريق أمام انسياب المياه. وهنا يمكن أن تجف الشجرة و تموت.
وفى دراسة حديثة تبين أن 70% من بين 226 نوعا من أشجار الغابات في 81 موقعا حول العالم تعيش حاليا على حافة ما يسمي بالفشل الهيدروليكي
ولملاحظة كيفية معاناة الأشجار من الجوع حتى الموت يقوم الباحثون بقياس كمية المواد الكربوهيدراتية أو الطعام الذي تقوم الشجرة بتصنيعه من ثاني أوكسيد الكربون الذي تمتصه أوراقها خلال عملية التخليق الضوئي --أو البناء الضوئي-ثم قياس ما تستهلكه الشجرة لكي ينمو أو لكي تحافظ علي بقاء أنسجتها .
ويجب علي الأقل أن يكون هناك توازن بين العمليتين.
لكن خلال الجفاف تقوم العديد من الأشجار بحماية نفسها بإغلاق المسام الموجودة في أورقها لتمنع تبخر المياه منها . وهذا في حد ذاته يتسبب في إيقاف عملية البناء الضوئي وتضطر الشجرة إلي استهلاك مخزونها من المواد الكربوهيدراتية . وعندما تنتهي من هذا المخزون فإنها تجوع حتى الموت !
هناك أجهزة استشعار أخري يجري لفها حول قاعدة كل شجرة لقياس مدي تدفق (النسغ) داخل الشجرة . وكما يفعل الجهاز المناعي للإنسان فأن النسغ يقاوم الأمراض وكذلك الحشرات مثل الخنافس التي تتغذي علي اللحاء.
لكن هل الشجرة تموت بسبب العطش أم بسبب نفاد مخزونها من الغذاء!؟
يجيب د.ماكدويل بأن هذا السؤال يمثل التحدي الحقيقي أمام العلماء لأن كلا من العطش والجوع مرتبطان ببعضهما البعض
!! وهناك بعض الأشجار تتحمل الظروف القاسية لفترة أطول من غيرها لكن السبب لا يزال غير معروف
انتظرونا العدد القادم و الفضاء وأهميته من منظور علمي